نجاة عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم من الذبح
كان عبد المطلب بن هاشم قد نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم لئن ولد
له عشرة نفر ثم كبروا حتى يحموه لينحرن احدهم لله عند الكعبة فلما تكامل بنوه
عشرة وعرف انهم سيمنعونه جمعهم ثم اخبرهم بنذره ودعاهم الى الوفاء لله بذلك
فاطاعوه فكتب اسماءهم في القداح (وهي عصي كانوا يقترعون بها عند آلهتهم)
واقترع فخرج القدح على عبدالله فاخذه عبد المطلب واخذ الشفرة ثم اقبل به الى
الكعبة ليذبحه فمنعته قريش ولاسيما اخواله من بنى مخزوم واخوه ابو طالب فقال عبد
المطلب فكيف اصنع بنذري فاشاروا عليه ان ياتي عرافة فيستشيرها فاتاها فامرت ان
يضرب القداح على عبدالله وعلى عشر من الابل فان خرجت على عبدالله يزيد عشرا
من الابل حتى يرضى ربه فان خرجت على الابل نحرها فرجع واقرع بين عبدالله وبين
عشر من الابل فوقعت القرعة على عبدالله فلم يزل يزيد من الابل عشرا عشرا ولا
تقع القرعة الا عليه الى ان بلغت الابل مائة فوقعت القرعة عليها فنحرت عنه ثم تركها
عبد المطلب لا يرد عنها انسانا ولا سبعا وكانت الدية في قريش وفي العرب عشرا
من الابل فاصبحت بعد هذه الوقعة مائة من الابل واقرها الاسلام بعد ذلك وروى عن
النبي صلى الله عليه وسلم انه قال انا ابن الذبيحين يعنى نبي الله اسماعيل واباه
عبدالله
وقعة اصحاب الفيل
كان ابرهة الصباح الحبشي النائب العام عن النجاشي على اليمن فلما راى العرب
يحجون الكعبة بنى كنيسة كبيرة بصنعاء سماها القليس واراد ان يجعل حج العرب اليها
وسمع بذلك رجل من بني كنانة فدخلها ليلا فقضى حاجته فيها امتهانا لها ولما علم
ابرهة بذلك ثار غيظه وسار بجيش عرمرم عدده ستون الف جندي الى الكعبة ليهدمها
ومعهم ثلاثة عشر فيلا واختار ابرهة لنفسه فيلا من اكبر الفيلة وهزم كل من حاول
الوقوف امامه من قبائل العرب وواصل سيره حتى بلغ المغمس وهناك عبا جيشه وهيا
فيله ثم بعث بعض رجاله الى مكة فاستولوا على الاغنام والابل التي وجدوها وكان
فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم كبير قريش وسيدها بعدها بعث ابرهة احد
رجاله الى مكة وقال له سل عن سيد هذا البلد وشريفها ثم قل له ان الملك يقول لك
اني لم آت لحربكم انما جئت لهدم هذا البيت فان لم تتعرضوا لي فلا حاجة لي في
دمائكم فلما قال ذلك لعبد المطلب قال له والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا
بيت الله الحرام وبيت خليله ابراهيم عليه السلام فان يمنعه منه فهو حرمه وان يخل
بينه وبينه فوالله ماعندنا دفع عنه فقال له رسول ابرهة فانطلق معي اليه فانه قد
امرني ان آتيه بك فذهب اليه مع بعض ابنائه وكان عبد المطلب وسيما جميلا مهابا فلما
رآه ابرهة اجله واعظمه ونزل عن كرسيه وجلس بجانبه على الارض ثم قال له ما
حاجتك فقال عبد المطلب حاجتي ان يرد علي الملك مائتي بعير اصابها لي فقال ابرهة
قد كنت اعجبتني حين رايتك ثم زهدت فيك حين كلمتني اتكلمني في مائتي بعير
اخذت منك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لاهدمه لا تكلمني فيه قال له عبد
المطلب اني انا رب الابل وان للبيت ربا سيمنعه قال ابرهة ما كان ليمتنع مني قال عبد
المطلب انت وذلك فلما اخذ عبد المطلب ابله عاد الى قريش فاخبرهم الخبر وامرهم
بالخروج من مكة والتحصن بالجبال خوفا عليهم من الجيش ثم قام عبد المطلب يدعو
الله ويستنصره ومعه جماعة من قريش ثم لحقوا بقومهم في الجبال ينتظرون ما ابرهة
فاعل بمكة اذا دخلها وتهيا ابرهة لدخول مكة فلما كان بين المزدلفة ومنى برك الفيل
ولم يقم ليقدم الى الكعبة و كانوا كلما وجهوه الى الجنوب او الشمال او الشرق يقوم
يهرول وإذا صرفوه الى الكعبة برك فبينا هم كذلك اذ ارسل الله عليهم طيرا ابابيل
ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول وكانت الطير امثال الخطاطيف
والبلسان (الخطاف طائر اسود والبلسان الزرزور) مع كل طائر ثلاثة احجار حجر في
منقاره وحجران في رجليه امثال الحمص لا تصيب منهم احدا الا صار تتقطع اعضاؤه
وهلك وخرجوا هاربين يموج بعضهم في بعض فتساقطوا بكل طريق وهلكوا علي كل
منهل واما ابرهة فبعث الله عليه داء تساقطت بسببه انامله (اي اصابعه) ولم يصل الى
صنعاء الا وهو مثل الفرخ وانصدع صدره عن قلبه ثم هلك واما قريش فكانوا قد تفرقوا
في الجبال خوفا على انفسهم من الجيش فلما نزل بالجيش ما نزل رجعوا الى بيوتهم